Wednesday, September 18, 2019

قياس إنتاجية الموظفين الذين يؤدون أعمالا مكتبية

وقد تنطبق هذه النتائج أيضا على الوظائف التي تتطلب جهدا فكريا، إذ أثبت الباحثون أن العمل لساعات طويلة ينعكس سلبا على أصحاب العمل والموظفين، ويؤدي إلى تراجع الإنتاج وفقدان القدرة على الابتكار والإبداع وتدني الجودة وضعف المهارات الاجتماعية.
لكن هذا لا يعني أن العمل لساعات طويلة لفترة مؤقتة للالتزام بموعد تسليم مشروع ما على سبيل المثال، لا طائل منه. فهناك مديرون تنفيذيون ورؤساء مخلصون يؤدون مهام مناصبهم بكفاءة رغم أنهم يعملون لساعات طويلة بانتظام. غير أن الكثير من الأبحاث تؤيد مزايا أسابيع العمل القصيرة لجميع العاملين.
وأثبتت دراسة نشرتها جمعية علم النفس الأمريكية أن عطلات نهاية الأسبوع وغيرها من الإجازات تساعد في التعافي من الضغوط النفسية الناتجة عن بيئة العمل، بحيث يعود الموظفون إلى العمل بذهن صاف.
وخلصت دراسة أجريت على موظفين إسرائيليين حصلوا على إجازة أسبوعين من العمل، إلى أن الإجازة أسهمت في تحسين الحالة المزاجية والنفسية لجميع الموظفين، حتى من كانوا يعانون من ضغوط نفسية شديدة قبل الإجازة. وذكر معد الدراسة أن: "الضغوط النفسية المزمنة التي يشعر المرء بأنه لا مفر منها تسبب الاحتراق النفسي".
وذلك لأن الذهاب للعمل ومزاولة المهام الوظيفية ينهك الموظفين، وتساعدهم أوقات الراحة في استعادة نشاطهم.
وتختلف المخاطر الصحية المهنية باختلاف طبيعة الوظيفة، فقد تجبر طبيعة العمل بعض الموظفين على العمل لساعات طويلة، كما هو حال العاملين في مجال الطوارئ أو البحارة أو عمال المناجم وسائقي الشاحنات والجراحين وأفراد أطقم الطائرات. وتركز الدراسات التي تجرى على العاملين في هذه المجالات على آثار الحرمان من النوم.
وخلافا للعمال اليدويين، فإن الموظفين الذين يؤدون أعمالا تعتمد على التفكير والإبداع ورأس المال المعرفي، يجدون صعوبة في احتساب ساعات العمل وعدد المهام التي ينجزونها. فمن الصعب مثلا قياس إنتاجية الموظف إذا كانت مهام وظيفته تتضمن تنمية علاقات طويلة الأمد مع الشركات الأخرى.
وأشارت دراسات إلى أن العمال في القرن العشرين والحادي والعشرين يعمدون إلى المبالغة في تقدير ساعات العمل ويبخسون تقدير أوقات الراحة. وفي ظل تغير طبيعة العمل، أصبح من الصعب تعريف الأنشطة التي تدخل في إطار مهام الوظيفة.
وتقول إيرين ريد، الأستاذة المساعدة للموارد البشرية والإدارة بجامعة ماك ماستر في كندا: "إن الكثير من الموظفين تتطلب طبيعة أعمالهم الرد على رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية ذات الصلة بالعمل في أي وقت على مدار اليوم أو في عطلة نهاية الأسبوع أو حتى في الإجازات. وهذا يعني أن الموظف يفكر في العمل ويزاول مهام وظيفته، حتى لو كان نظريا في إجازة من العمل، وهذا ينهك الموظف نفسيا وبدنيا".
وتضيف أن هذا النمط من العمل المتواصل لا يؤثر على إنتاجية الموظف فحسب، بل يفقد الموظف أيضا متعة العمل والشعور بالإنجاز.
أما عن الحل لمنع تجاوز الحد الأدنى لساعات العمل، فتقول ريد، إن الإدارة هي التي تفرض على الموظف متطلبات العمل خارج ساعات العمل الرسمية وساعات العمل الطويلة، وتكون عادة جزءا من بيئة العمل أو طبيعة المهنة، ولهذا فإن محاولات الموظفين التحكم في حجم العمل ووضع حدود لساعات العمل ما هي إلا حلول مؤقتة أو غير مكتملة.
وبعبارة أخرى، فإن المديرين وأصحاب العمل هم وحدهم من يمكنهم وضع سياسات لمنع الموظفين من العمل لساعات طويلة.
ويقول بينكافيل إن بعض أصحاب الشركات يدركون تبعات العمل الإضافي على موظفيهم، لكنهم لا يرون ضرورة لتغيير الأساليب التي تدار بها شركاتهم، ما دامت ناجحة وتحقق أرباحا.
وعلى النقيض طبق بعض أصحاب الشركات أنظمة عمل مختلفة وغيروا الممارسات ذات الصلة بساعات الدوام بعد مراجعة النتائج السنوية.
ويتساءل بينكافيل لماذا لا يجرب أرباب العمل أنظمة عمل مختلفة لتغيير ساعات الدوام، إذا كانت الأنظمة التقليدية غير مجدية؟